Severity: Notice
Message: Undefined index: dID
Filename: controllers/cms.php
Line Number: 38
Backtrace:
File: W:\wamp64\www\newweb\application\controllers\cms.php
Line: 38
Function: _error_handler
File: W:\wamp64\www\newweb\index.php
Line: 315
Function: require_once
رأي الغرفة حول إخضاع الأرباح الدفترية للضريبة وترحيل الخسائر لسنوات تالية
في أواسط عام 2015 أثيرت، على الصعيدين القضائي والفكري، تساؤلات حول مدى جواز أو عدم جواز إخضاع الأرباح الدفترية غير المتحققة فعلياً للضريبة، كذلك حول جواز أو عدم جواز ترحيل الخسائر إلى سنوات تالية عند الربط الضريبي.
وقد رأت الغرفة ان من واجبها أن تعرض وجهة نظرها حول هذين الموضوعين، فأعدت مذكرة وافية بهذا الشأن، معتمِدة في ذلك على المبادئ القضائية والتشريعات الضريبية الكويتية والدولية.
وفيما يلي نص هذه المذكرة:
1- يتعلق أول التساؤلين المطروحين بالقانون رقم 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية، بينما ثانيهما بالقانون ذاته وبالقانون رقم 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة.
2- إن اجتهاد الغرفة في اجابتها على التساؤلين يعتمد على قراءتها للقانونين المذكورين أعلاه في ظل التشريع الدستوري لدولة الكويت، وفي ظل المبادئ الراسخة في التشريعات الضريبية الكويتية والدولية.
3- للغرفة أن تتقدم من تلقاء نفسها بآراء ومقترحات حول جميع الأمور المتعلقة بالشؤون الاقتصادية، ولاسيما منها ما يؤول إلى تنشيط التجارة والصناعة وحمايتها أو توجيهها كالتعرفات الجمركية والضرائب والرسوم.......
المحور الأول
المعالجة القانونية لإعادة تقييم الأصول (الأرباح غير المتحققة)
أولاً:- عدم دستورية فرض الضريبة على ايرادات إعادة تقييم الأصول بأداة أقل من القانون:
من المبادئ الأساسية التي تحظى بالإجماع أن اختصاص المجالس النيابية (مجلس الأمة الكويتي) بإقرار الضرائب لا يؤدي فقط إلى بث الطمأنينة لدى المكلفين بها، بل يفصل أيضاً بين سلطتي الإنشاء والتنفيذ، مما يحول دون اجتماع السلطتين في يد هيئة واحدة، ويحمي الملكيات الخاصة من احتمالات التعسف الجبائي.
ومن هنا بات التلازم بين المشروعية الضريبية والمجالس النيابية أمراً محتوماً ولا نغالي إذا ذكرنا أن السعي وراء هذا التلازم كان من الضرورات الأساسية التي سرّعت بوجود البرلمانات كسلطة تشريعية. وهذه العلاقة الوطيدة بين نشأة البرلمان والتشريع تفسر لنا اهتمام الدساتير ومنها (دستور دولة الكويت) بتنظيم فرض الضرائب، ووضع القواعد العامة التي يتعين على المشرع مراعاتها عند سن القوانين الضريبية، تقديراً منه لهيمنة هذه القوانين. باعتبارها عبء مالياً يتحمله المكلف، ويترتب عليه نقص في امواله الخاصة دون ان يرتبط ذلك بحصوله على منفعة خاصة أو فورية مباشرة، بل يتعرض حين يمتنع عن أداء الضريبة لجزاءات مالية أو عقوبات بدنية تمس ملكيته الخاصة أو حريته الشخصية، وهي من الحقوق التي يحرص الدستور على حمايتها.(1)
وتقضي الشرائع الدستورية، الحديثة الديمقراطية منها والمطلقة، بألا تفرض ضريبة إلا بقانون، ولا يجوز إنشاؤها إلا بأداة تشريعية، وبالتالي يعتبر أمر تقرير الضريبة أو تعديلها أو إلغائها من عمل الشارع وحده. وهذا ما حرصت المادة 134 من الدستور الكويتي على تأكيده حين قررت أن: إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغائها لا يكون إلا بقانون.
وهذه هي القاعدة الدستورية الأولى للمشروعية الدستورية في فرض الضريبة والتي تنص عليها دساتير العالم قاطبة. ولازم ذلك ومقتضاه أن أي تنظيم آخر يتضمن فرض ضرائب جديدة أو تقرير أعباء مالية على الأفراد بأي صورة كانت، يمثل انتهاكاً للمشروعية الدستورية إذا صدر عن السلطة التنفيذية وحدها، سواء صدر من خلال قرار إداري أو لائحة تنظيمية أو تعليمات وزارية أو إدارية أو حتى قرارات أو مراسيم أميرية.
وعليه فإن فرض الضريبة على مبالغ إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المتحققة بأداة أقل من القانون - سواء كانت لوائح تنفيذية أو قرارات وزارية – إنما يُمثل خروجاً على المشروعية الدستورية لمخالفته للمادة (134) من الدستور، حسبما استقرت عليه أحكام المحاكم الدستورية العليا بهذا الخصوص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/7/1996.
ثانياً:- عدم جواز فرض الضريبة على الأرباح غير المتحققة لعدم تحقق الواقعة المنشئة لهذه للضريبة:-
من الأصول العامة والمبادئ الهامة في الأنظمة الضريبية أن الواقعة المنشئة للضريبة هي الشروط التي لابد من توافرها حتى يتولد دين الخزانة العامة في ذمة المكلف، ويحدد قانون كل ضريبة هذه الواقعة تحديداً دقيقاً يختلف من ضريبة إلى أخرى.
وتبدو أهمية تحديد الواقعة المنشئة للضريبة من ناحية سعر الضريبة وحالات الإعفاء منها وميعاد سدادها؛ ومن ثم بدء سريان التقادم المسقط لحق الدولة في اقتضائها.
فالواقعة المنشئة للضريبة المقررة بالقانون 19 لسنة 2000 هي الأرباح في بحر السنة السابقة أو في فترة الاثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية.
ويكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة وفقاً للقانون المشار إليه على أساس النتيجة المالية للعمليات المختلفة التي باشرتها الشركة أو المنشأة. أما الأرباح الدفترية الناتجة عن إعادة تقييم الأصول في حياة المنشأة فلا تخضع للضريبة لأن هذه لا تفرض إلا على الأرباح الحقيقية الثابتة في ميزانية الشركات أو المنشآت(2).
والخلاصة أن الضريبة لا تفرض إلا على كل مبلغ قابل للتوزيع وتختلف الواقعة المنشئة لها من ضريبة إلى أخرى ففي الضريبة على عوائد الأوراق المالية تُفرض الضريبة على كل مبلغ يوزع وخاضع للضريبة وقت توزيعه. وفي الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية يُحدد صافي الربح الخاضع للضريبة على أساس نتيجة الصفقة أو نتيجة العمليات على اختلاف انواعها بعد خصم جميع التكاليف فيكفي أن تكون نتيجة العمليات في نهاية السنة ربحاً حتى تُفرض الضريبة على الربح الصافي. وفي الضريبة على المرتبات والأجور تتحقق الواقعة المنشئة لها بوضع الايراد تحت تصرف صاحبه وفي الضريبة على أرباح المهن غير التجارية تتحقق الواقعة المنشئة للضريبة على أساس صافي الأرباح خلال السنة السابقة، ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات المختلفة بعد خصم جميع التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة.
وتأسيساً على ذلك فإن الضريبة المقررة بالقانون 19 لسنة 2000 المشار إليه لا تثبت في ذمة الشركة إلا بعد تحقق الواقعة المنشئة للضريبة وهي تحقق الأرباح الصافية بعد خصم جميع التكاليف وعلى النحو المشار إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) راجع في تأييد ذلك على سبيل المثال طعون محكمة النقض المصرية الآتية:-
الطعن رقم 3 لسنة 28 ق جلسة 13/6/1962 س 13 ص788
الطعن رقم 155 لسنة 31 ق جلسة 8/3/1967 س 18 ص577
الطعن رقم 238 لسنة 36 ق جلسة 16/1/1974 س 25 ص157
قضاء النقض الضريبي ص 122 وما بعدها.
وعليه فإن فرض ضريبة على مبالغ إعادة تقييم الأصول أثناء حياة المنشأة يفتقر إلى سبب الفرض ذاته وهي الواقعة المنشئة للضريبة. فالعبرة من وجهة نظر الغرفة هي الأرباح الصافية المحققة في بحر السنة أو في نهاية الاثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية.
ثالثاً: العلاقة بين الربح الضريبي والربح المحاسبي وأولوية تطبيق الربح الضريبي عند الاختلاف بينهما:
من المعروف أن الربح المحاسبي هو صاف الربح المتعلق بفترة مالية معينة والمستخرج من قائمة الدخل المعدة وفقاً لمعايير المحاسبة. أما الربح الضريبي أو الربح الخاضع للضريبة فهو صافي الربح المحاسبي المتعلق بفترة مالية معينة بعد تطبيق أحكام قانون الضرائب عليه بإضافة تكاليف غير واجبة الخصم من الناحية الضريبية إلى الوعاء الضريبي أو بخصم إيرادات غير خاضعة للضريبة منه، وفي ضوء هذا الربح تتحدد قيمة الضرائب.
ونظراً لأن التشريعات الضريبية بدولة الكويت لم تنص على اعتماد معايير محاسبة كويتية استهداء بالمعايير الدولية وحسبما فعلت الأنظمة الضريبية المقارنة، فإن الربح الخاضع للضريبة عادة ما يختلف عن الربح المحاسبي.
وترى الغرفة أنه يمكن تصنيف الفروق بين الربح المحاسبي والربح الخاضع للضريبة إلى مجموعتين رئيسيتين هما:-
مجموعة:- الفروق الدائمة:
وهي عبارة عن فروق تنشأ نتيجة اختلاف طريقة إعداد قائمة الدخل للأغراض الضريبية عن طريقة إعداد القائمة ذاتها للأغراض المحاسبية. فالتشريعات الضريبية بدولة الكويت – لا تهدف فقط إلى تمويل الإنفاق العام، بل كثيراً ما يكون لها أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو مالية أخرى، وهي أهداف يترتب عليها حدوث فروق دائمة بين الربح المحاسبي والربح الخاضع للضريبة نتيجة إخضاع أو إعفاء بعض الإيرادات بحسب الأهداف السابق الإشارة إليها، وهذه الفروق الدائمة ينشأ عنها بالضرورة اختلاف بين معدل الضريبة الفعلي ومعدلها الإسمى المنصوص عليه بالتشريع.
وعليه فإن قيام الإدارة الضريبية بفرض الضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المتحققة يؤدي بالنهاية من وجهة نظر الغرفة إلى اختلاف معدل الضريبة الفعلي عن معدلها الاسمي أو الرسمي المنصوص عليه بالتشريع، على خلاف إرادة المشرع التي يتعين ان تقبض على زمام الضريبة سواء من حيث تحديد السعر أو طرق التحصيل أو التقادم أو لغيره مما يتعلق ببيان الضريبة حسبما استقر القضاء الدستوري.
مجموعة:- الفروق المتوقعة:-
وهي عبارة عن فروق بين قيم الأصول أو الالتزامات (المطلوبات) كما هي واردة بالميزانية وبين احتساب قيمتها للأغراض الضريبية وتتميز هذه الفروق بأن تأثيرها لا يقتصر على الفترة المالية التي تحدث فيها؛ وإنما يمكن أن ينعكس على الفترات التالية أيضاً، بمعنى أنه قد ينجم عن هذه الفروق آثار ضريبية مؤجلة أو مستقبلية (إذا نتج عنها مبالغ خاضعة للضريبة). ويعني ذلك أن تأثير الفروق المؤقتة لا ينصب على قائمة الدخل فقط وإنما يمتد أيضاً إلى الميزانية وهو ما يجب ان تنتبه له الإدارة الضريبية باستبعاد فرض الضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المحققة.
وهنا تطرح الغرفة تساؤلها لماذا تُفرض ضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول أثناء حياة المنشأة دون تحقق الواقعة المنشئة لها ودون اعتبار لما إذا كانت هذه الأرباح حقيقية أو وهمية، بما يعنيه ذلك من تجاوز للمشروعية الدستورية المقررة بالمادة (134) من حيث أداة المعالجة، وتجاوزاً للمشروعية القانونية بخلق معدل ضريبي عن غير طريق المشرع.
المحور الثاني
عدم جواز الخلط بين استبعاد ايرادات إعادة تقييم الأصول من الوعاء الضريبي للقانون 19 لسنة 2000 وبين الإعفاء أو عدم الخضوع للضريبة:-
أولاً: وقوع الإدارة الضريبية في خطأ الخلط بين استبعاد إيرادات إعادة تقييم الأصول وبين العفو والإعفاء من الضريبة:-
يعتبر العفو الضريبي من المُستحدثات التي أتت بها التشريعات الضريبية الحديثة، وهو يعني إعفاء المكلف - في إطار شروط معينة - من أداء جميع مبالغ الضريبة المستحقة على دخله، وذلك عن الفترات الضريبية السابقة على تاريخ العمل بالقانون الذي يقرر هذا الإعفاء، وما يرتبط بتلك الضرائب من مقابل تأخير وغرامات وضريبة إضافية وغيرها، والعفو هو تنازل المجتمع عن كامل حقوقه تجاه المكلف نظير التزامه في المستقبل، أو مقابل إلزامه بالتزامات معينة ووفق شروط يُحددها المشرع، وقد يكون العفو عاما وشاملاً بحيث يُسقطْ تجريم التصرفات. كما قد يكون العفو جزئياً يقتصر أثره على إسقاط كامل العقوبة المحكوم بها أو بعضها أو يستبدل بها عقوبة أخف مقررة قانوناً.
ورغم أن إنشاء العفو والإعفاء في المجال الضريبي يتم بوسيلة واحدة هي إرادة المشرع، فإن بينهما اختلافاً كبيراً؛ فالعفو يتضمن تنازلاً كلياً أو جزئياً عن الحقوق المالية المترتبة للخزانة العامة من قبل أفراد لا يعلم المشرع الضريبي عنهم شيئاً مقابل التزام مستقبلي وفق شروط يحددها القانون. أما الإعفاء فيكون لأشخاص معلومين للمشرع الضريبي الذي يرى لسبب أو لآخر (اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي....) إعفاءهم من كل الضريبة أو من جزء منها، وفي إطار شروط واضحة ومحددة. كما يختلف العفو عن التصالح وإن اتفقا من حيث وسيلة الإنشاء أيضاً، إذ أن العفو يكون بإرادة منفردة من المشرع ولأسباب يقررها، أما التصالح فلا ينشأ إلا بموافقة إرادتين هما المتهم والإدارة الضريبية.
ثانياً:- لا يمكن إنشاء العفو أو الإعفاء أو عدم الخضوع أو التصالح الضريبي بأداة أقل من القانون :
ترى الغرفة أن الاختصاص بإنشاء كل من العفو والإعفاء والتصالح الضريبي ينحصر قطعاً بإرادة المشرع أي القانون. وعليه فإن المشرع قد يرى- في ضوء مواءمات التشريع التي يملكها بغير معقب عليها من قبل المحكمة الدستورية، أن يحفز المكلفين على سرعة السداد من خلال إصدار قوانين عفو ضريبية - وهذا ما يُمثل التنازل المطلق عن الضريبة مقابل الالتزام في المستقبل، كما أن المشرع قد يأخذ بتقديم تيسيرات ضريبية يتم بمقتضاها التنازل عن جزء من الدين الضريبي بالنسبة لسنوات سابقة مراعاة لأوضاع اقتصادية أو اجتماعية مبررة.
وبالبناء على ما سبق فإن التذرع بأن استبعاد إيرادات إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المتحققة من الخضوع للضريبة يعتبر إعفاءاً أو عفواً ضريبياً أو إقراراً بعدم الخضوع للضريبة بغير نص هو تذرع لا يملك سنداً يدعمه في ضوء الأسباب التي أوردناها.
ثالثاً:- عندما تتعامل الإدارة الضريبية مع الأرباح غير المتحققة وكأنها أرباح متحققة فإنها تخالف قواعد المحاكم الدستورية في تفسير النصوص الضريبية:-
جرى العمل بالمحاكم على تفسير القوانين الضريبية تفسيراً ضيقاً، بحيث يمتنع الالتجاء إلى التوسع في التفسير أو القياس، وذلك استناداً إلى أن قانون الضريبة يستمد قوته من سلطان المشرع فحسب وأن مبدأ المشروعية هو المهيمن على مراحل إصدار وتطبيق ورقابة القاعدة القانونية الضريبية.
وقد أتيحت الفرصة للمحكمة الدستورية العليا، لأن تدلو بدلوها بخصوص مساءلة تفسير النصوص الضريبية(3)، عندما ارتأت: أن الأصل في تفسير النصوص التشريعية هو ألا تُحمَّل على غير مقاصدها وألا تُفسر عبارتها بما يُخرجها عن معناها أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهاً لها، سواء بفصلها عن موضعها، أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، تقديراً منها بأن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص والتي ينبغي الوقوف عندها هي تلك التي تُعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها مُعضدة ما قصده المشرع، مبنية على حقيقة وجهته وغايته من إيرادها مُلقية الضوء على ما عناها بها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) راجع القرار الصادر بطلب التفسير رقم (1) لسنة 17 ق ، (تفسير) بجلسة 3/7/1995 ، والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 29 بتاريخ 20/7/1995.
ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع المحكمة الدستورية العليا من الكشف عن إرادة المشرع، بأن أجازت لنفسها - وهى في صدد اظهار هذه الإرادة - أن تستهدي بالتطور التاريخي للنصوص القانونية، وكذلك بالأعمال التحضيرية الممهدة لها سواء كانت هذه الأعمال قد سبقتها أو عاصرتها، باعتبار أن ذلك كله مما يُعينها على استخلاص مقاصد المشرع التي يُفترض في النص محل التفسير أن يكون مُعبراً بأمانة عنها(4).
وغني عن البيان أن المحكمة الدستورية العليا تتبع في التفسير القواعد والطرق التي تلائم طبيعة التشريع موضوع التفسير، إذ أن من التشريعات، كالتشريع الجنائي والتشريع الضريبي ما يتطلب قواعد خاصة للتفسير تختلف عن القواعد المعتمدة عند التصدي بالتفسير لتشريعات أخرى.
ولقد كان للمحكمة الدستورية العليا الفضل في إرساء العديد من المبادئ، التي تتفق مع المبادئ والنظريات العامة، والتي يمكن الاستفادة منها في وضع قواعد فرض الضريبة، والتي تعتبر أساساً علمياً يجب مراعاته عند صياغة أي تشريع ضريبي.
وهناك حالات أخرى رجعت فيها المحكمة الدستورية العليا في مصر إلى تقرير اللجنة المشتركة بين لجنتي الخطة والموازنة ومكتب اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب(5). بل إننا نرى حالات لجأت فيها المحكمة الدستورية العليا، إلى المصادر الأجنبية، وهى بصدد استجلاء بعض المعاني في القانون الضريبي(6)، ولا يمكن للقاضي الدستوري أن يتجاهل التنظيم العام للضريبة التي يقوم بتفسير النصوص المتعلقة بها، كأن يجد ضالته في القواعد التي صاغها فقهاء المالية العامة مثلاً، ثم تبناها التشريع الضريبي في نصوصه (7).
استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا، عند تفسير نصوص القانون الضريبي على أن تُحمل عبارة النص على عمومها، ما لم يقم دليل على تخصيصها فإذا خُصص العام بغير دليل كان تأويلاً غير مقبول........، والأصل في القوانين الضريبية هو ألا تُحمل على غير مقاصدها، وألا تُفسر عبارتها بما يُخرجها عن معناها أو يفصلها عن سياقها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) راجع القرار الصادر بالتفسير رقم 1 لسنة 17 ق ، (تفسير) المشار إليه سابقاً.
(5) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 232 لسنة 26 ق دستورية جلسة 5/4/2007.
(6) راجع على سبيل المثال: وهى تتعرض لمعنى القاعدة الدستورية والعدالة الاجتماعية، في القضية رقم 23 لسنة 12 ق جلسة 2/1/1993.
ومعنى الترضية القضائية فى القضية رقم 2 لسنة 14 ق جلسة 3/4/1993.
وشروط وعاء الضريبة والفرق بين الضريبة والزكاة وشروط التشريع الضريبي وأهدافه، راجع القضية رقم 9 لسنة 17 ق جلسة 7/9/1996.
(7) راجع في القضاء العادي حكم محكمة النقض بجلسة 31/7/2003 في الطعن رقم 8122 لسنة 66 ق .
حيث رجعت المحكمة للمذكرة الإيضاحية للقانون 5 لسنة 80 بخصوص مدى الإعفاء المقرر لدور العرض.
ولما كان ذلك، وكانت الإدارة الضريبية في فرضها للضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول قد استندت إلى أن إخضاعها يمثل إعمالاً لقاعدة أن العام يجري على عمومه ما لم يوجد ما يقيده على أساس أنها أرباح وأن الربح لفظ عام مطلق يشمل الأرباح الحقيقية أو الأرباح غير المحققة، فهنا تكون الإدارة الضريبية قد خرجت عن مفهوم القياس بشكل عام، ليس فقط لحظر أعماله في المجال المالي على النحو الذي أسلفناه عند الحديث عن منهج المحكمة الدستورية في التفسير، ولكن – قبلا وأساساً – لوقوعها في مخالفة الأصول العامة والقواعد الهامة في القياس ذاته.
ذلك أن القياس اصطلاحاً هو حمل فرع على أصل في حكم لعلة جامعة بينهما. ومعنى ذلك أنه إذا وردت واقعة لم يرد في حكمها نص – كحالة الأرباح غير المحققة والأرباح الحقيقية – ألحقت بواقعة أخرى ثبت حكمها بنص لاشتراك الواقعتين في علة الحكم.
وعليه تخلص الغرفة إلى أن فرض الضريبة على الأرباح غير المتحققة مع غياب النص وحظر القياس في المجال الضريبي وعدم اشتراك المقيس وهي الأرباح غير المحققة والمقيس عليه (الأرباح الحقيقية) في العلة، هو حمل للنص على غير مقاصده وتفسير للعبارة على نحو يُخرجها عن مقاصدها .
رابعاً:- فرض الضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المحققة يخالف قواعد العدالة والإنصاف.
إن من مسلمات المنطق والعدالة أن الاعتداد بالإيرادات المحققة من إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المحققة يقتضي – بالمقابل – الاعتداد بالخسائر غير المحققة، كالخسارة الناتجة عن إعادة تقدير رصيد المنشأة الدائن لدى أحد البنوك تبعاً لسعر الصرف فأنها تعد خسارة وهمية، وهنا نتساءل هل تقوم الإدارة الضريبية بتطبيق ذلك؟.
المحور الثالث
التجارب الدولية في فرض الضريبة على إيرادات إعادة تقييم الأصول الأرباح غير المتحققة:
باستطلاع التجارب الدولية بالأنظمة الضريبية في مسألة خضوع الإيرادات المحققة من إعادة تقييم الأصول نجدها تخبرنا بأنها غالباً ما تختار أحد أمرين:-
- إما استبعادها تماماً من الوعاء الضريبي باعتبارها أرباح غير محققة وغير حقيقية لاسيما وأن عملية إعادة تقييم الأصل تكون في حياة المنشأة وهو ما يؤخذ به الغالب من الأنظمة الضريبية الخليجية.
- وإما تأجيل خضوعها للضريبة عند تغيير الشكل القانوني للمنشأة سواء بالاندماج أو بالتقسيم أو بتحويل الشركة من شركة أشخاص إلى شركة أموال أو بتحويل شركة أموال إلى شركة أموال أخرى ولكن وفق الشروط الآتية:-
• اثبات الأصول والالتزامات بقيمتها الدفترية وقت تغيير الشكل القانوني وذلك لأغراض احتساب الضريبة.
• أن يتم احتساب الإهلاك على الأصول والالتزامات بقيمتها الدفترية وترحيل المخصصات والاحتياطيات وفقاً للقواعد المقررة قبل إجراء هذا التغيير .
• ألا يتم التصرف في الأسهم أو الحصص الناتجة عن تغيير الشكل القانوني خلال مدة – اعتمدتها بعض الأنظمة ثلاث سنوات – المواد 53 ، 63 من القانون 91 لسنة 2005 بشأن ضريبة الدخل المصري - لتاريخ تغيير الشكل القانوني.
• ألا يكون أحد أطراف عملية تغيير الشكل القانوني شخص غير مقيم.
وهنا ترى الغرفة – لاسيما في ظل البيئة الاقتصادية الكويتية – فضلاً عن البيئة التشريعية المتعلقة بالقوانين الضريبية – عدم إخضاع إيرادات إعادة تقييم الأصول للضريبة المقررة بالقانون 19 لسنة 2000 للأسباب التي أسلفناها وللتجارب الدولية ولضعف بناء البنية التشريعية الضريبية، لاسيما في ضوء غياب التنظيم التشريعي المقابل للتنظيم الذي اشرنا إليه.
المحور الرابع
المعالجة الضريبية لترحيل الخسائر في الأنظمة الضريبية المقارنة والنظام الضريبي الكويتي
مما ينبغي التنبيه إليه ابتداء هو ضرورة الاعتراف بالقانون 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية والقانون 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة باعتبارهما قانونين ضريبيين ليس فقط لأنهما كذلك باعتراف الاتفاقيات التي تبرمها دولة الكويت مع الدول الأخرى، وإنما لتبنيهما ذات القواعد والأصول التي تحكم القوانين الضريبية بشكل عام، وعلى الأخص ما يتعلق بتحديد الربح والوعاء الضريبي والواقعة المنشئة للضريبة بكليهما، فضلاً عن باقي الأصول العامة للضريبة بشكل عام والتي لا يتسع المقام هنا لحصرها.
وفي هذا الإطار ترى الغرفة أن تردد الإدارة الضريبية في اتباع الأصول المتعارف عليها بالنسبة لتحديد كل من الواقعة المنشئة للضريبة والوعاء الضريبي الخاص بكلا القانونين المشار إليهما وعلى وجه الدقة، بالنسبة للتساؤلين المطروحين عن استبعاد الأرباح غير المتحققة من الوعاء الضريبي والسماح بترحيل الخسائر، إنما يرجع إلى عدم وضوح هذه الرؤية لدى الإدارة الضريبية من جهة، وإلى غياب التنظيم القانوني الكامل لهما باعتبارهما من قوانين ضريبية من جهة ثانية، الأمر الذي فتح مجال الاجتهاد أمام إدارة الضريبة وعلى نحو خالفت به الثوابت المتعارف عليها بالأنظمة الضريبية المقارنة بالتفصيل الذي اسلفناه.
وفي المقابل نصت المادة (7) من القانون 2 لسنة 2008؛ على أنه إذا انتهى حساب احدى السنوات بخسارة خصمت هذه الخسارة من أرباح السنة التالية. وبينت المادة (7) من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر قواعد ومواعيد ترحيل الخسائر.
وترى الغرفة أهمية أن تعتمد الإدارة الضريبية مبدأ ترحيل الخسائر وعلى الأخص بالنسبة للأرباح الخاضعة للقانون 19 لسنة 2000 باعتباره قانون ضريبي خاصة وأن أحكام لائحته التنفيذية قد فصلت على غرار القوانين الضريبية، سواء بالنسبة لتحديد الوعاء الضريبي أو الواقعة المنشئة للضريبة متى توافرت الشروط الآتية:
1. أن يكون هناك نقص حقيقي ومؤكد أصاب أصلاً من الأصول المملوكة للمنشأة:
وهنا يتعين على الإدارة الضريبية الا تبحث عن سبب النقص، ولا أي الأصول حل بها، فسواء أكانت الأصول إيراديه أو رأسمالية، معنوية أو مادية. المهم أن يكون النقص حقيقياً ومؤكداً ولم يتم التعويض عنه كلياً أو جزئياً. إذ في الحالة الأخيرة يتم ترحيل الفرق بين قيمة الأصل قبل الخسارة وبعد الخسارة على أن تخصم قيمة التعويضات.
2. أن تكون الخسارة متعلقة بنشاط خاضع فعلاً للضريبة:
بحيث انه إذا أصابت الخسارة احد أصول الشركة، غير أن هذا الأصل لا يدخل ضمن الوعاء أو لا يساهم في تكوين الوعاء، فإن هذه الخسارة لا تخصم ولا ترحل.
3. ألا تكون الخسائر التي لحقت بالشركة قد ردت إليها:
سواء في صورة تعويض أياً كان نوعه سواء أكان تعويضاً قانونياً أو اتفاقياً. بحيث لا يجوز استنزال ما تكبدته الشركة من خسائر بسبب ما لحق بها من حريق متى كانت قيمة هذه الخسائر قد ردت إليها.
وعليه فإن احتساب الخسارة كمنصرف على السنة التالية ليس منحة من الإدارة الضريبية، بل هو واجب عليها في حالة ثبوتها.
ومما يؤكد وجهة نظر الغرفة في أهمية المفارقة في الحكم بين قانوني دعم العمالة والزكاة في شأن جواز ترحيل الخسائر بالنسبة للأرباح الخاضعة لأولهما ما يلي:
· أنه وان كانت اللائحة التنفيذية للقانونين قد فصلت أحكامها على اعتبار أنهما قوانين ضريبية، إلا أننا نجد اللائحة التنفيذية للقانون 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة قد خلت من حظر ترحيل الخسائر بالنسبة للأوعية الضريبية الخاضعة لأحكامه، على عكس القانون 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة الذي جاءت أحكامه واضحة في حظر ترحيل الخسائر، وتلتمس الغرفة العذر للمشرع في ذلك بافتراض أن الضريبة المقررة بالقانون الأخير من قبيل الزكاة، وذلك بصرف النظر عن وجهة نظرها في تفاصيل هذا الافتراض.
· إن المشرع قد خول الشركات الخاضعة لأحكامه، عند تقديم إقراراتها بالمستحق عليها، في أن تحدد القدر الذي يمثل زكاة من أموالها من المبلغ المحصل، كما أن لها أن تطلب توجيه كل المبلغ المستحق عليها أو جزء منه إلى إحدى الخدمات التي أوردتها اللائحة حصراً، ويذكر هنا دقة اللفظ الذي استخدمه المشرع المبلغ وليس الضريبة، وذلك بخلاف القانون 19 لسنة 2000 الذي لا يمنح الخاضع له مثل هذه المزايا باعتباره قانوناً ضريبياً خالصاً. وهي فروق تستدعي المغايرة في الحكم بشأن ترحيل الخسائر في كلا القانونين، وذلك بجوازها في القانون 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة وجواز الاحتجاج بحظر ترحيلها في القانون 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة للأسباب التي أسلفناها والتي نلتمس لها العذر بشأنها مع خلاف في التفاصيل حول اعتبار هذا القانون قانون زكاة.
وختاماً فإننا نرى – وبعد استعراض ترحيل الخسائر في بعض التشريعات الضريبية المقارنة – ومقارنته بترحيل الخسائر بالتشريع الضريبي الكويتي – ضرورة أن يجمع التشريع الضريبي الكويتي بين كل من الترحيل للأمام وللخلف، وعلى أن يترك الخيار للمكلف، لأن الترحيل للخلف يمثل دعماً اقتصادياً للشركات وهي في اشد الحاجة إليه.
إذ الأخذ بهذه الطريقة يمثل تجسيداً للدور الاقتصادي للضريبة وهو الأمر الذي لا يعود بالنهاية على مجتمع الأعمال بالخير وعلى الاقتصاد بالانتعاش؛ وإنما لما يمثله ذلك من نفع نظير مساهمة الضريبة في دعم الشركات الخاسرة ودفعها إلى الاستمرار بدلاً من الخروج من المساهمة في الحياة الاقتصادية الكويتية.
هذا فضلاً عما يحققه الترحيل للخلف من اتساق تشريعي مع مشروعات قوانين الإعسار التي قدمتها الحكومة مؤخراً من جهة، ومع المعالجة التي أوردها المرسوم رقم 3 لسنة 1955 في شأن ضريبة الدخل الكويتية بعد أن تم تعديله بالقانون 2 لسنة 2008 ليسمح في مادته السابعة بترحيل الخسائر.