Severity: Notice
Message: Undefined index: dID
Filename: controllers/cms.php
Line Number: 38
Backtrace:
File: W:\wamp64\www\newweb\application\controllers\cms.php
Line: 38
Function: _error_handler
File: W:\wamp64\www\newweb\index.php
Line: 315
Function: require_once
القضايا الاقتصادية التي عالجتها الغرفة عام 2011
بيان الغرفة حول
تشكيل اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية
في افتتاح أعمال اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية التي تشكلت بمبادرة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، ألقى سموه كلمة توجيهية سامية حدّد فيها مهمة اللجنة مؤكداً على أهدافٍ ثلاث: الاستغلال الأمثل للفوائض المالية، ومعالجة مظاهر الهدر الاستهلاكي غير المسؤول، والإفراط في الإنفاق الجاري غير المنتج، وتهيئة المناخ المناسب لكي ينهض القطاع الخاص بمسؤولياته التنموية.
وانطلاقاً من واجبها في تمثيل القطاع الخاص والتعبير عن رأيه، أصدرت الغرفة في السابع من سبتمبر 2011 بياناً - ذكّرت فيه بعدد من المنطلقات الأساسية، التي تأمل من اللجنة الاستشارية أن تراعيها في رسم منهجها، وفي تحديد التوجهات الرئيسية لتقريرها.
وفيما يلي نص هذا البيان:
الإصلاح: رؤية نافذة، وإدارة قادرة، وقرار شجاع
بتفاؤل مشوب بالحذر، استقبلت غرفة تجارة وصناعة الكويت تشكيل اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية. أما الحذر، فيجد تفسيره في تجارب اللجان المماثلة، التي تراكمت تقاريرها على رفوف النسيان، طوال عقود ثلاثة أو تزيد. وأما التفاؤل، فيستمد مبرراته من حقائق وظروف عديدة تجعلنا نتطلع الى أن يكون حظ مقترحات اللجنة الاستشارية أفضل من سابقاتها؛ فالمبادرة انطلقت من حضرة صاحب السمو الأمير بالذات. والمبادرة جاءت في ظروف دولية واقليمية تحمل كثيراً من النذر بعيدة الأثر. والمبادرة تهدف الى معالجة اقتصاد وطني قادته المزايدات السياسية الآنية والأنانية الى مأزق تفاقمت مخاطره وضاقت مخارجه، ما جعل الاصـلاح الاقتصـادي فعل مستقبل ووجود، لا خيار فيه، ولا بديل عنه، ولا قبل لنا بالتكلفة المالية والاجتماعية والسياسية لتأجيله.
في ظل هذا التفاؤل الحذر، تعرب غرفة تجارة وصناعة الكويت عن تقديرها الصادق لمبادرة حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، التي تعكس حرص سموه على المشاركة الشعبية الواعية في صياغة الرؤية المستقبلية لاقتصاد البلاد. كما تشيد الغرفة بالشخصيات المشاركة في هذه اللجنة، وترجو لها النجاح والتوفيق. والغرفـة إذ تصدر بيانها هذا، لا تهدف الى تشخيص المأزق وعرض مشاهده وشواهده، أو طرح حلوله ومنافذه. فهذا ما سبق لها، ولجهات متخصصة وطنية ودولية عديدة، أن عالجته بعمق وتفصيل. كما أن الغرفة لا تقصد من بيانها هذا تأكيد مواقفها السابقة في شأن استنزاف المالية العامة بالانفاق العقيم، لأنها ستفعل ذلك من خلال جمع ونشر هذه المواقف قريباً.
غاية هذا البيــان هي التذكير بعدد من المنطلقات الأساسية، التي تأمل الغرفة من اللجنة الاستشارية أن تراعيها في رسم منهجها، وفي تحديد التوجهات الرئيسية لتقريرها. والتالي عرض سريع لأهم هذه المنطلقات:
· من الثابت، أن مستوى التقدم والازدهار يرتفع كلما انخفض مستوى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، فليس هناك دول تتمتع بدرجة كافية من الحرية الاقتصادية دون أن تكون متقدمة، وليس هناك دول متقدمة لا تتمتع بدرجة كافية من الحرية الاقتصادية. وفي اعتقادنا، أن هذا الارتباط الوثيق بين درجة الحرية الاقتصادية ومستوى التقدم والازدهار، يجب أن يكون المنطلق الأساسي للإصلاح الاقتصادي في الكويـت، ولإقرار السياسات والتشريعات والإجراءات اللازمة لتنفيذه. ولا ننسى هنا أن الخصخصة تمثل ركناً أساسياً في منظومة التشريعات والسياسات الرامية إلى تعزيز الدور التنموي للقطاع الخاص. وبالتالي، فإن التشريعات المنظمة للخصخصة ستكون قاصرة عن تحقيق أهدافها، ما لم تحافظ على توازن دقيق بين المعايير الفنّية المتعلقة بالجدوى والتكلفة والمردود، وبين الاعتبارات الاجتماعية الهادفة إلى حماية حقوق العمالة الوطنية، والى احترام حق الدولة في التدخل لمصلحة التنمية والعداله.
· إن إعادة صياغة الدور الاقتصادي للدولة، يتطلب – بالضرورة – إصلاحاً مواكباً ومكافئاً في الإدارة العامة، ذلك لأن ما يعانيه الجهاز الحكومي من تضخم في الحجم وندرة في الكفاءة، يجعل ضعف الإدارة العامة بمثابة عنق الزجاجة الذي يتهدد بإجهاض جهود الإصلاح والتنمية.
والإصلاح الإداري الذي نقصده هنا، يقوم على إحداث تغيير كامل في مفهوم الوظيفة العامة، ينتقل بها من أداة لتوزيع الثروة إلى أداة للتنمية المستدامة، كما ينتقل بالموظف العام من مقعـد السلطة الرسمية إلى موقـع الخدمة المدنية.
· تحتل معالجة الاختلال الخطير في المالية العامة للدولة مركز الصدارة بين مهام اللجنة الاستشارية. ذلك أن التضخم السريع وغير المسبوق الذي سجله الإنفاق العقيم على حساب الإنفاق الاستثماري، أصبح أشبه بالجرح العميق النازف الذي يتهدد اقتصاد الكويت ومستقبل أجيالها. وما يجب التنبيه إليه هنا، هو أن هذا الجرح العميق النازف ليس ظاهرة مرضيّة بحد ذاته، بل هو نتيجة تضافر وتفاعل قروح عديدة في جسد الإدارة الكويتية. فهذا الجرح العميق النازف هو الحصاد المر لتسابق السلطتين التشريعية والتنفيذية نحو كسب ولاء البيروقراطية المسيطرة على صناديق الانتخاب. وهو الحصاد المر للتآكل المستمر في اختصاصات السلطة التنفيذية لحساب السلطة التشريعية، بعد أن تنازلت الأولى عن هذه الاختصاصات أو تهاونت في ممارستها. وهذا الجرح نتاج طبيعي لتضارب السياسات وتناقض الإجراءات، وقصور التشريعات، بسبب تسويات اللحظة الأخيرة وصفقاتها. ويساهم في تعميق هذا الجرح واستمرار نزفه التهاون المريب بإجراءات المساءلة والعقاب في قضايا الفساد، والجرعة السياسية المفرطة في القرار الاقتصادي .
ومفاد هذا كله، أن التصدي لاختلالات المالية العامة يتطلب إصلاحاً سياسياً حقيقياً، يطهر الجرح، ويعالج الأسباب التي تبقيه فاغراً نازفاً. وقبل مثل هذا الإصلاح السياسي، سيكون مآل أية محاولة للإصلاح المالي، مآل اللبن المسكوب في قربة مقطوعه.
· الإصلاح، تعريفاً، هو التغيير نحو الأفضل. والتغيير لا يمكن أن يكون حقيقياً وفاعلاً ونحو الأفضل، إذا فرضت علينا السياسة أو الاصطفافات الاجتماعية المختلفة أن يبقى كل شيء على حاله، وأن يستمر كل واحد في محله. فالإصلاح رؤية جديدة وقرار جريء. وبالتالي، يجب ألا يحول الاعتداد بالرأي، أو المجاملة في الموقف، دون إعادة النظر – بموضوعية وشجاعة – في الكثير من السياسات والتشريعات والمشاريع، وربما في كثير من المفاهيم والمواقع أيضاً.
· لعل أول ما يستحق مراجعة علمية واقعية هو مفهوم الرفاه الاجتماعي وتطبيقاته. فقد أصبح لزاما علينا أن نطرح تساؤلات مؤلمه وبالغة الأهمية، عما إذا كان بإمكاننا الاستمرار في الالتزامات الناجمة عن التوسع الكبير في مفهوم هذا الرفاه؟ وعما إذا كانت أشكال كثيرة من الدعم الحكومي رشيدة فعلاً وتؤدي الأهداف المرجوة منها؟ فبرنامج الرفاه الاجتماعي يجب أن يحدد بقدرة الدولة ومواردها، ويجب أن يلتزم بحدود الضرورة ولا يتجاوزها. والدعم الحكومي يجب أن يقتصر على مستحقيه، فلا يذهب إلى المقتدرين، ويجب أن يكون مشجعاً على الإنتاج لا محفزاً للاستنزاف.
· واضح من اسم اللجنة ومهمتها أن مسؤوليتها تقف عند حدود تقديم المشورة وبلورة المقترحات. أما عملية إصدار القرار والعمل على تنفيذه فهي مسؤولية السلطتين التشريعية والتنفيذية. وبالفعل، تم اختيار أعضاء اللجنة الاستشارية باعتبارهم من أهل العلم والخبرة والاختصاص. وبالتالي، فإن توصياتهم يجب أن تلتزم بهذه الصفات الثلاث، لتعبر عن آرائهم وقناعاتهم وتنسجم مع عقلانيتهم وحيادهم. أما التعامل مع المناورات السياسية التي تسبق عادة إصدار القرار، فهذا من شأن أهل الحكم والسياسة. فليس المطلوب من اللجنة الاستشارية مقترحات قابلة للتمرير من خلال الرضوخ لضغوط السياسة على حساب الجدوى والصواب، بل المطلوب مقترحات قادرة على معالجة الأوضاع الاقتصادية، وتجاوز الاختناقات والصعاب.
· أكدت الدراسات أن المجتمعات القائمة على الثقة هي المجتمعات الأقدر على التقدم، أما تلك التي تغلب على علاقاتها ثقافة الشك والتربص واحتمالات المؤامرة، فتبقى أسيرة الماضي والخوف من التغيير، ويبقى حراكها في دائرة الركود. وفي الكويت، سيبقى من المتعذر علينا أن نحقق الإصلاح الاقتصادي والإداري ما لم تتبدد من سمائنا غيوم الشك والريبه، وتسود أجواء التعاون والثقة، وأهمها الثقة بالمواطن، والثقة بمستقبل الوطن.
وأخيــراً؛
قبل ربع قرن ونيّف، وفي الخامس من مايو 1985 على وجه التحديد، جاء في كلمة رئيس الغرفة أمام جمعيتها العامة: ... وما نخشاه فعلاً، هو أن نسمع غداً بتشكيل لجنة جديدة لدراسة الوضع الاقتصادي، تنتهي إلى تقريـر آخر، يأخذ مكانه إلى جانب سابقيه على رف النسيان.
نحن اليوم لا ينتابنا مثل هذا التخوف، لأننا – وبكل بساطة وصراحة – لن يكون لدينا بعد الآن فسحة من الوقت ولا رصيد من المصداقية يسمحان بتشكيل لجان جديدة. فليس أمـام اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية إلا خياراً وحيداً هو تقديم الرأي الصادق الصريح، ولم يعد أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية إلا طريقاً واحداً هو التعاون على التنفيذ الصحيح، لعل الكويت تتدارك مستقبلها.