Severity: Notice
Message: Undefined index: dID
Filename: controllers/cms.php
Line Number: 38
Backtrace:
File: W:\wamp64\www\newweb\application\controllers\cms.php
Line: 38
Function: _error_handler
File: W:\wamp64\www\newweb\index.php
Line: 315
Function: require_once
القضايا الاقتصادية التي عالجتها الغرفة عام 2005
استجابة لرغبة معالي وزير المالية في معرفة رأي الغرفة حول نظام لمشروعات البناء والتشغيل والتحويل B.O.T، ومقترح نظام بشأن المبادرات اللذين أعدهما فريق مختص برئاسة وزارة المالية، أعدت الغرفة مذكرة ضمّنتها ملاحظاتها وآراءها في شأن النظام والمقترح المذكورين، وقدمتها للوزارة في أواخر يوليو 2005.
وفيما يلي نص هذه المذكرة:
أولاً : نظام البناء والتشغيل والتحويل B.O.T
تقديم ؛
يقصد بـ نظام البناء والتشغيل والتحويل B.O.T مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ وتشغيل بعض المشاريع الحكومية لفترة محددة تعود بعدها ملكية المشروع للدولة . فهو – إلى حد كبير – صيغة من صيغ الخصخصه . وهو – من زاوية أخرى – شكل من أشكال تمويل المشروعات العامه . وإذا كانت معظم الدول النامية تنظر إلى نظام البناء والتشغيل والتحويل من زاويته التمويلية وانعكاساته الايجابية على الميزانية العامة وموارد الدولة ، فإن غرفة تجارة وصناعة الكويت تعتقد أن أهمية هذا النظام بالنسبة لدولة الكويت ، تنبثق بالدرجة الأولى والأهم من هوية الخصخصة التي يحملها . ذلك أن مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ وتشغيل المشروعات العامة يولّد فرصاً استثمارية كثيرة وكبيرة تجتذب العمالة الوطنية من مختلف الاختصاصات والمستويات ، وتوطن المدخرات، وتوسع قاعدة الملكيه ، وتنشط الأسواق الماليه ، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المقرونة بتقنيات حديثه . كما أنها – في الوقت ذاته – ترفع الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية للمشروعات الحكومية ، وتخفض تكاليف الخدمات العامه ، وتطور القدرة التنافسية للشركات الوطنية في السوق الدولية . وهذه الهوية التخصصية لنظام البناء والتشغيل والتحويل ستكون بمثابة المؤشر الرئيسي الذي يحكم توجهات هذه المذكرة وأفكارها وتوصياتها .
التجربة الكويتية : نظرة تقييم ؛
تعود مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الحكومية في الكويت إلى عام 1970 عندما طرحت الدولة قسائم في مناطق متميزة من وسط المدينة لإقامة مواقف سيارات متعددة الأدوار مع أسواق تجارية . على أن تقوم الشركات المستثمرة بإنشاء هذه المواقف والأسواق واستغلالها لمدة 25 سنة مقابل قيمة إيجاريه ثابتة للبلدية . وبين عامي 1994 – 2003 ، بلغ إجمالي مشاريع B.O.T التي تمت عقودها مع وزارة المالية 92 مشروعاً . ويمكننا من خلال مراجعة متأنية لهذه المشاريع أن نسجل الملاحظات التالية:
1. أكثر من 70% من المشروعات التي تم طرحها في إطار نظام B.O.T تعتبر مشاريع تنمية عمرانية أو تطوير عقاري ( مواقف سيارات ، أسواق ، واجهة بحرية ، مسالخ ، معالجة النفايات ، قرى عمالية ، منتجات ومشاريع ترفيهيه ، مناطق حرفيه وصناعيه ، مرافق جمركيه ، مرافق رياضيه ) . وإذا استثنينا محطة الصليبية للصرف الصحي ، يمكننا القول أن نظام B.O.T في الكويت لم يدخل حتى الآن مجاله الأساسي المتمثل بمشروعات البنية الأساسية والمشاريع التنموية الكبرى ( ماء ، كهرباء ، طرق سريعة ، جسور ، مواني ، غاز ، سكك حديد ، مطارات .. ) . وتكاد الكويت أن تكون فريدة على المستويين الإقليمي والدولي في هذه الظاهرة ، التي يمكن تفسيرها إلى حدٍ ما بالمبررات التاليـة :
أ- احتكار الدولة لمساحات واسعة جداً من الأراضي وتبنيها لمبدأ رفض بيع جزء منها مما جعل من الصعوبة بمكان إقامة مشاريع عمرانية كبيرة دون الاستعانة بالدولة لتقديم الأراضي المطلوبة .
ب- استمرار الدولة في دعم كثير من الخدمات ، يحول دون دخول القطاع الخاص إلى كثير من مشاريع البنية الأساسية .
ج- عدم وجود مصادر تمويل طويلة الأجل ، تساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية التي تحتاج إلى موارد مالية ضخمة وإلى فترة استرداد طويلة .
2. يتم طرح المشروعات الحكومية لمشاركة القطاع الخاص بناء على اجتهاد ورغبة الوزارات والأجهزة الحكومية المعنية . فالمبادرة تأتي من وزارة معينة أو جهة حكومية معينه ، وتنال موافقة مجلس الوزراء تبعاً لشرح الوزير المختص . وبالتالي ، نلاحظ أن قناعة الوزارة أو الجهة الحكومية هي المعيار الأول والأهم لطرح المشروعات ضمن نظام B.O.T . مما يفقد هذا النظام أولوياته الموضوعية ومعاييره الحقيقة . فبينما تطرح مشاريع كان من الأجدى أن تنفذها الحكومة لا تطرح مشاريع أكثر أهمية وأكثر انسجاماً مع مساهمة القطاع الخاص لأن الرؤية الإستراتيجية في الحالتين غير موجودة أو غير واضحة .
3. عدم استكمال الإطار القانوني والتنظيمي العام الذي يضع القواعد والإجراءات العامة ، ويحدد المرجعية المختصة ، فتح الباب واسعاً أمام الاجتهادات الخاصة بكل جهة حكومية تطرح مشروعات B.O.T . وبالتالي ، أصبح تقييم العروض لخصوصيات الجهة الطارحة للمشروع بدل أن يخضع لخصوصية المشروع ذاته ؛ فالمساحات المعطاة للمشاريع تكبر وتصغر والإجراءات تطول وتقصر ، وتتعسَّر أو تتيسَّر ، وتكثر المشروعات المطروحة أو تندر دون اعتبارات واضحة أو معايير مفهومة . وهذه الحقائق ألقت ظلالاً من الشك على المبررات الاقتصادية لطرح المشروعات من جهه ، وعلى مصداقية أسس التأهيل والترسية من جهة ثانية .
4. أدى ضعف أو عدم كفاية الدراسات الفنية والاقتصاديه ، إلى جانب عدم وضوح معايير التأهيل والترسية ، إلى عدم ترسية العديد من المشاريع الهامة ، أو إلى تأخر تنفيذ بعض المشروعات التي تم طرحها . وذلك بسبب المشاكل التي ظهرت في مراحل توقيع العقد أو التنفيذ .
5. يظهر من مراجعة الشركات التي فازت في مناقصات مشاريع الـ B.O.T أن المنافسة تدور بين عدد محدود من الشركات المحلية . الأمر الذي يعنى أن العديد من الأهداف العامة التي يرمي إليها التخصيص من خلال نظام البناء والتشغيل والتحويل لم يتحقق .
وقفة مع تقرير اللجنة المكلفة بوضع مسودة مرسوم ينظم مشاريع B.O.T
في اجتماعه بتاريخ 19 يناير 2005 ، أقر مجلس الوزراء تشكيل لجنة حكومية برئاسة وزارة المالية تتولى وضع مسودة مرسوم ينظم عملية إقامة مشاريع B.O.T وقد انتهت اللجنة إلى تقرير يضع قواعد وإجراءات وآليات ولوائح موحدة لنظام البناء والتشغيل والتحويل لجميع الجهات الحكومية .
ووقفتنا هنا مع هذا التقرير لن تدخل في تفاصيله بل ستكتفي بمناقشة توجهاته الرئيسية وخطوطه العريضة :
1. تحت البند ( ثانياً ) من القواعد العامة ، نص التقرير على أن تحدد مدة التعاقـد حسب طبيعة المشروع وأغراض إنشائه وجدواه الاقتصادية ، وبما يكفل استرداد المستثمر للتكاليف التي أنفقت على تنفيذ المشروع مع تحقيق عائد مناسب ، على أن لا تتجاوز مدة الاستثمار المدة المحددة بالقانون .
وإننا إذ نتفق كل الاتفاق مع هذه الفكرة ، نعتقد أن المدة المحددة بالقانون يجب أن تكون طويلة إلى درجة كافية للمشروعات التي تتطلب استثمارات ضخمة ، خاصة وأن الكويت مقبلة على مشروعات كبرى للبنية التحتية ، وراغبة في أن تتجه مشاريع B.O.T إلى الخروج من حلقة التطوير العقاري إلى صعيد مشروعات البنية الأساسية ونقل الكثير من الخدمات والمرافق إلى القطاع الخاص . وطالما أن مدة التعاقد ستحدد حسب طبيعة المشروع وأغراضه وجدواه، من الحكمة والضرورة رفع سقف مدة الاستثمار إلى 50 سنة أو أكثر . لأن هذه الفترة ستنخفض كثيراً – وربما إلى أقل من 20 عاماً – بالنسبة للمشروعات التي لا تتطلب استثمارات كبيرة، وسترتفع إلى حدها الأقصى في المشاريع التي تفرض اقتصاداتها ذلك . علماً أنه كلما امتدت فترة الاستثمار ازدادت امكانية تخفيض أسعار الخدمات التي يقدمها المشروع والمستثمر إلى المواطنين . كما تقترح الغرفة – في هذا الصدد – التفريق بين مدة التعاقد ومدة الاستثمار بحيث تبدأ الثانية من تاريخ بدء مرحلة التشغيل .
2. تحت البند ( ثالثاً ) من القواعد العامة ، نص التقرير على وجوب أن يحدد العائد للدولة في العقود التي يتم إبرامها بشكل يكفل حقوق الدولة . والواقع أن كفالة حق الدولة بعائد عادل أمر لا خلاف عليه ، ولكن علينا أن نتذكر هنا حقيقة بالغة الأهمية وخاصة بالنسبة للمشروعات التي تقدم خدمات أساسية للمواطنين ، وهي أنه كلما ازداد العائد الذي تحصل عليه الدولة من مشروع B.O.T كلما ازداد سعر الخدمة التي يقدمها هذا المشروع للمواطنين . وبالتالي ، فإن العائد العادل للدولة هو ليس بالضرورة العائد الأعلى ، بل هو العائد الذي يحقق توازناً بين حق الدولة وحق المواطن من جهة ، والذي يأخذ بعين الاعتبار مدى مرونة الطلب على الخدمة التي يقدمها المشروع بحيث لا يؤدي إلى انخفاض هذا الطلب وتضرر المستثمر من جهة ثانية .
3. وفي نطاق القواعد العامة أيضاً ، وتحت البند (سادساً ) ، نص التقرير على ضرورة توخي الحرص على أن يتم تصميم المشروع وفق أعلى المستويات المهنية والحرفية المعترف بها لتوفير مستوى جيد من الخدمات ... .
إن هذا البند يطرح للبحث موضوع الجهة التي ينبغي أن تقدم التصميم الهندسي والفني لمشاريع B.O.T . فهذه المشاريع تقرر الدولة أصلاً إقامتها . ثم تقرر أن يكون ذلك من قبل أجهزتها المختصة مباشرة أم من خلال القطاع الخاص وفق نظام البناء والتشغيل والتحويل . فالجهات الحكومية – إذن – هي التي تقررها وهي الأكثر معرفة بأهدافها وأغراضها واحتياجاتها . وبالتالي ربما كان من الأفضل أن تقوم هذه الجهات الحكومية بوضع التصاميم الهندسية والفنية وفق أعلى المستويات المهنية والحرفية . ولكي تستفيد الدولة من خبرات وإمكانات القطاع الخاص في هذا المجال يمكنها أن تفصل عملية التصميم عن عملية البناء. وعندما يقع اختيارها للتصميم الناجح تطرح المشروع وفق التصميم المعتمد أصلا من قبلها . ويمكن أن تتضمن شروط الطرح بنداً يضع على المستثمر تسديد تكاليف التصميم بالكامل .
إن مثل هذا الفصل لمرحلة التصميم عن مرحلة البناء يزيد كثيراً من شفافية التأهيل والإرساء ، ويقلل من فرصة تفصيل المشروع على مقاس مستثمر محدد بحجة أن تصميمه أفضل . خاصة وأن تفضيل تصميم على آخر تدخل فيه عوامل كثيرة غير قابلة للقياس الموضوعي .
4. نص البنـد ( سابعـاً ) من القواعد العامة التي أوردها التقريـر على ضرورة مراعاة المساهمة في الجانب التنموي الذي تتبناه الدولة مثل دعم وتشجيع العمالة الوطنية ... .
ونعتقد هنا أن مراعاة الجانب التنموي أمر مفترض في كافة المشاريع العامة وبصرف النظر على أسلوب تنفيذها وتشغيلها . كما أن البند ( أولاً ) من القواعد التي وردت في التقرير قد غطى هذه الناحية حين أكد أن تحديد مشروعات B.O.T ومواقعها يجب أن يتم وفقاً لحاجة الدولة وخططها الحالية والمستقبلية . أما تشجيع العمالة الوطنية فله قانون كامل ينظمه ، وعلى كل مؤسسات القطاع الالتزام به .
5. تحت عنوان آلية العمل الموحدة للتعاقد يؤكد التقرير ضرورة قيام الجهات المختصة بإعداد خطة خمسيه مفصلة لإقامة مشاريع B.O.T ، وضرورة تنفيذ هذه المشاريع ضمن إطار خطة تنموية متكاملة ورغم ذلك نلاحظ أن التقرير لم يأت إطلاقاً على اقتراح إسناد مهمة تنظيم هذه المشاريع والإشراف عليها ومتابعتها إلى جهة واحدة . ولعلَّ العكس هو الصحيح .
وفي اعتقادنا ، أن توزع هذه المهمة على الجهات الحكومية المختلفة ، وعدم وجود جهة واحده تنظم مشاركة القطاع الخاص في المشروعات العامة تبعاً لنظام البناء والتشغيل والتحويل، كان من أهم سلبيات التجربة الكويتية في هذا المجال . إن شروط الشفافية والمصداقية والعدالة ، ووجود قواعد عامه موحده ، ووضع خطة خمسيه تحدد الأولويات ضمن إطار الخطة التنموية المتكاملة ، تدعو جميعاً إلى إيجاد جهة واحدة تتولى الإشراف على مشاريع B.O.T . ومن جهة أخرى ، نلاحظ أن الدراسات الفنية والاقتصادية لهذه المشاريع ، ومهام التخطيط والمراقبة والمتابعة لتنفيذها وتشغيلها تحتاج إلى كوادر عالية الكفاءة في اختصاصات كثيرة . ومثل هذه الكوادر أكثر ندرة وأكثر تكلفة من أن توجد في كل جهة حكومية مختصة ، ولابد ان تنتظم تحت مظلة جهة مختصة واحدة . يضاف إلى ذلك أن تعامل المستثمرين مع جهة واحدة سيوفر عليه – وعلى الجهات الرسمية – كثير من الجهد والوقت وكثير من أعباء وتكاليف الروتين . لهـذا كلـه ، تقترح الغرفة أن يتضمن التشريع المرتقب لتنظيم مشروعات البناء والتشغيل والتحويل إيجاد جهة مركزية تتولى عمليات التخطيط والإشراف والمتابعة لهذه المشاريع . كما تقترح الغرفة أن تتبع هذه الجهة المركزية رئيس الوزراء مباشرة ، وأن يكون لها مجلس تتمثل فيه الجهات الحكومية المختصة ، كما يتمثل فيه القطاع الأهلي من خلال مؤسساته ذات الاختصاصات المعنية (الغرفة، المهندسون،المحامون،المقاولون..) .
ومثل هذه الجهة المركزية لابد وأن تتمتع بصلاحيات كافية ، وأن تختار لمجلسها شخصيات ذات مصداقية عالية تؤمن لها دعماً مجتمعياً مسانداً .
6. رأينا أن السبب الأهم لتمركز نشاط B.O.T بالكويت في مشاريع التطوير العقاري وأحجامه النسبي عن المشاريع التنموية الكبرى في مجالات البنية الأساسية ، هو ضخامة الموارد المالية التي تتطلبها هذه المشاريع وطول فترة استرداد رأس المال المستثمر . ومما يزيد من تعقيدات الناحية التمويلية لمشاريع B.O.T في الكويت :
- عدم جواز رهن الأرض أو مباني ومعدات المشروع لحساب الممولين .
- عقود البناء والتشغيل والتحويل لا تضمن تعهداً من الدولة لتوفير التدفقات النقدية المتوقعة . وفي التجربة الكويتية ، لم تضمن الدولة التدفقات النقدية إلا لمشروع واحد هو مشروع معالجة الصرف الصحي . حيث تلتزم الحكومة بشراء الكميات المتوقعة من المياه المعالجة بأسعار محدّدة.
- لا يوجد في الكويت حتى الآن مؤسسات تمويل طويل الأجل تقدم تسهيلات تتناسب مع احتياجات مشاريع البناء والتشغيل والتحويل .
وفي اعتقادنا أن مشكلة التمويل تمثل العقبة الأصعب لدخول مشاريع B.O.T مجالات البنية الأساسية والمشروعات التنموية الكبرى ، كما أنها تمثل سبباً رئيساً وراء ضعف المنافسة في هذا المجال . وإذا كانت إطالة مدة الاستثمار ، من الوسائل التي يمكن أن تعالج قضية التمويل ، فإن هذه القضية بحاجة إلى أن تعمل الدولة كما يعمل القطاع الخاص على بحث العديد من الأساليب الأخرى التي يمكن تطبيقها في الكويت ، وصياغة المقصود وفقاً لذلك .
7 . جاء في تقرير اللجنة الحكومية ( صفحة 17 ) ، إنه عند انتهاء فترة الاستثمار وتحويل ملكية المشروع بالكامل إلى الدولة ، يمكن إعادة التعاقد مع المستثمر ذاته لتشغيل المشروع ، أو طرحه من جديد على المستثمرين، أو إدارته ذاتياً من قبل الجهة الحكومية التي آلت إليها ملكية المشروع .
وبما أن غرفة تجارة وصناعة الكويت تنطلق في مذكرتها هذه – وكما جاء في مقدمتها – من أن أهمية نظام البناء والتشغيل والتحويل في الكويت تنبسط بالدرجة الأولى والأهم من هوية الخصخصة التي يحملها ، فإن الغرفة تدعو ألا يكون تشغيل المشروع من قبل جهة حكومية خياراً مطروحاً بعد تحويل ملكية المشروع إلى الدولة .
وتقترح هنا ، أن يكون الخيار الوحيد هو إعادة طرح المشروع على المستثمرين لتشغيله ، على أن يكون للمستثمر الأصلي أولوية محددة وذات مدلول حقيقي . إن مثل هذه الأولوية – في اعتقادنا – لا تصب في مصلحة المستثمر الأصلي فقط ، بل تصب في مصلحة المشروع والدولة أيضاً . لأن المستثمر سيكون أكثر حرصاً على صيانة المشروع وتطويره طالما أن أمله كبير في استثماره وتشغيلـه . كما انه أعرف بنقاط قوته وضعفه ، وأكثر خبرة في مجال عمله. كما أن الاحتمال الكبير في تجديد عقد التشغيل مع المستثمر يزيد من فرص هذا الأخير بالحصول على التمويل اللازم .
8 . ليس ثمة شك في أن إرساء مشروعات البناء والتشغيل والتحويل على شركات مساهمة عامة يحمل إيجابيات عديدة منها : الحصول على موارد مالية أكبر مع توزيع للمخاطر ، تنشيط الأسواق المالية ، وتوسيع قاعدة الملكية ومشاركة عدد أكبر من المواطنين في المشروعات الإنمائية . غير أن حصر مشروعات B.O.T بالشركات المساهمة العامة يمكن أن يشكل – بالمقابل – قيدا كبيراً على مشاركة المستثمرين الاستراتجيين وفي طليعتهم المستثمرين الأجانب . لهذا تؤكد الغرفة أن الشكل القانوني للمستثمر(مؤسسة، شركة محدودة المسؤولية ، شركة مساهمة مقفلة أو عامة ) يجب أن يبقى مفتوحاً للاتفاق بين المستثمر والجهة المركزية الحكومية المختصة ، لكي يأتي متناسباً مع حجم المشروع وطبيعته واحتياجاته ودرجة مخاطره .
ثانيــاًً : نظــام المبــادرات
في الأصل ، وعندما تكون لدى شخص طبيعي أو اعتباري فكره لمشروع اقتصادي رائد ، من شأنه أن يرفع إنتاجية الموارد الاقتصادية المتاحة بسبب تطبيق تقنية حديثة ، أو استغلال فكرة علمية جديدة ، أو تقديم سلعة أو خدمة لا تتوفر في الأسواق ، يقوم هذا الشخص بتسجيل فكرته لدى الجهات المختصة بترخيص المشاريع أو حماية الملكية الفكرية ، ثم يسعى لترويج مشروعه وتأسيس شركة تموله وتنفذه وتديره ، ضمن إطار القوانين والأنظمة المرعية . والفارق الوحيد بين المشروعات الرائدة والمبتكرة (المبادرات ) وغيرها هو حماية الحقوق المترتبة للمبادر على الملكية الفكرية أو على أسبقية طلب الترخيص .
أمّا ما جرى التعارف في الكويت على تسميته بالمبادرات ، فيبدو لنا أنه ناجم في حقيقة الأمر عن مشكلة احتكار الدولة لمساحات واسعة في الأراضي ، وبالتالي صعوبة حصول المستثمرين على مواقع لإقامة مشاريعهم ( مبادراتهم ) وبأسعار أو بقيم ايجارية مناسبة . ويتعزّز رأينا هذا عندما نلاحظ أن معظم المشروعات التي جرى الترخيص لها تحت مظلة المبادرات هي مشروعات تطوير عمراني أو عقاري ، أو مشروعات تحتاج مساحات واسعة من الأراضي . لهـذا ، ترى غرفة تجارة وصناعة الكويت أن النظام الأكثر عدالة وشفافية والأقل تكلفة وتعقيداً في هذا الصدد ، هو أن تعمد الدولة ، وتبعاً للمخطط الهيكلي ، إلى حصر المساحات التي يمكن إقامة مشاريع اقتصادية عليها ، وتحديد الاستخدامات التي يمكن الترخيص بها في المناطق المختلفة لهذه الأراضي ، ومن ثم تحديد القيمة الإيجارية للمتر المربع حسب المواقع والاستخدامات وبمبالغ تشجيعية إلى حدٍ كبير اجتذاباً للاستثمارات التنموية . فإذا تقدم أي شخص بطلب الترخيص لمشروع معين ، وأثبتت الدراسات الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع تبعاً لمعايير وأسس واضحة ، يحق لهذا المشروع أن يستأجر ولفترات طويلة المساحة التي يحتاجها فعلاً ، وبالمنطقة المحددة لنشاطه والقيمة الإيجارية المقررة في تلك المنطقة .
بعد هذا التحفظ الصريح على ضرورة وجدوى إيجاد نظام خالص بالمبادرات ، وإلى أن تتمكن الدولة من استكمال خطوات مسح الأراضي وتحديد استخداماتها وإقرار قيمتها الايجارية حسب ما تم تلخيصه أعلاه ، تعرب غرفة تجارة وصناعة الكويت عن اتفاقها مع ما ورد في تقرير اللجنة الوزارية حول نظام المبادرات ، مع الأخذ بالاعتبار الأفكار والملاحظات التاليـة :
1- تقترح الغرفة أن يكون الجهاز الحكومي المسئول عن استلام المبادرات ودراستها والموافقة عليها وإبرام عقودها ... جزء من الجهاز المركزي الموحد الذي يقوم بالإشراف على مشاريع البناء والتشغيل والتحويل .
2- جاء ضمن الضوابط الفعلية لقبول المبادرة من حيث المبدأ : أن يكون هناك حاجة لمنتجات أو خدمات المشروع . وفي اعتقادنا أن تأكيد أو نفي وجود مثل هذه الحاجة أمر بالغ الصعوبة ويمكن أن يكون محل خلاف كبير . خاصة وأن النظرية الاقتصادية الحديثة لا تقرُّ فقط بأن الطلب يخلق العرض ، بل تقر أيضاً بأن العرض يخلق الطلب وخاصة في مجال الخدمات والمنتجات التقنية الحديثة .
3- بالنسبة لإجراءات تقديم وتقييم المبادرة ، اكتفى التقرير بتوضيح الخطوات اللازمة للحصول على موافقة الجهة المختصة ، ولم يتعرض إلى حالة رفض هذه الجهة للمبادرة . وفي اعتقادنا أن النظام يجب أن يبيّن كيف يمكن للمبادر أن يتظلم من قرار رفض مبادرته ، وفيما إذا كان هذا الرفض يسقط حقوق المبادر الفكرية ، وضرورة أن يكون الرفض مبرراً بأسباب محددة وواضحة .
4- عند القبول المبدئي للمبادرة ، تقترح الغرفة أن يجري توقيع اتفاق بين الجهة الحكومية المختصة والمبادر يبين ما يلـي :
- المصطلحات القانونية ومعانيها .
- أطراف الاتفاق وطريقة المراسلات بينها .
- حفظ حق المبادر بالفكرة .
- حق المبادر بالانسحاب دون تعويض له أو عليه . مع الاحتفاظ بحقوق الملكية الفكرية لفترة محددة فقط .
- تقدير تكاليف الدراسات الفنية ودراسات الجدوى .
- تعيين مدقق مالي ( على حساب المبادر ) يشرف على تكاليف الدراسات .
- تحديد طريقة تنفيذ المبادرة بعد الترخيص النهائي لهـا :
أ - يترك التنفيذ للمبادر نفسه من خلال تكوين شركة مساهمة مقفلة مع عدد غير كبير من المساهمين الذين يتفق معهم . وفي هذه الحالة لا يحق للمبادر المطالبة بأي استرداد للمبالغ التي دفعها أو تعويض عن جهوده وفكرته .
ب ـ طرح المبادرة على الشركات ( مناقصة أو مزايدة ). وعلى الشركة الفائزة أن تخصص للمبادر نسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها ، وأن – تسدد له ما دفعه من تكاليف محددة سلفاً من قبل الجهة الحكومية المختصة .
ويمكن للمبادر أن يعتذر عن المشاركة أو يتنازل عنها لمستثمر آخر .
ج - تأسيس شركة مساهمة عامة لتنفيذ المبادرة ، لا تقل ملكية المبادر فيها عن 25% إلا إذا قبل هو بنسبة أقل . ولا تقل نسبة أسهمها المطروحة للاكتتاب العام عن 40% .
ويكون للمبادر في هذه الحالة ذات الحقوق التي يتمتع بها في الحالة ( ب ) أعـلاه .